الأحد، 20 فبراير 2011

محاولة للفهم ..

التحول الديمقراطي في العالم العربي .. بين النظرية والتطبيق

مما لا شك فيه أن المنطقة العربية تشهد مرحلة تحول جذرية .. ولكن إلى أي شيء سيكون هذا التحول ؟ إلى الديمقراطية كما يقولون ؟ أم إلى مزيد من الاستبداد أو إلى أنظمة تظهر ببوتقة الديمقراطية ولكنها هشة الإرادة أو سيئة النية ؟
تساؤلات كلها تطرح ذاتها .. طرحا لا شك فيه .. ولعل ذلك يعود إلى عدة أسباب أهمها ما يمر به العقل العربي من أزمة حقيقية .. فالعربي لم يشهد نظاما ديمقراطيا من قبل حتى يجربه وإنما رزح تحت ظلال الاستبداد طوال عدة قرون .. كما أنه لم يشهد تحولات محورية وجذرية كالتي شهدتها أوروبا الغربية والشرقية ودول الأمريكيتين ..
والأزمة التي يشهدها العقل العربي بما يخص التحول الديمقراطي ليست مقتصرة على موروث ثقافي طاله خلال عدة قرون فحسب . وإنما يمتد الأيديولوجيا القوية التي يحملها تجاه الحاكمية .. ونحن بذلك نرجع إلى النظرية الإسلامية بما يخص مؤسسة الحكم والتي تقوم على أركان من أهمها الشورى والبيعة .. وإن كان مجمل هذه المفاهيم لا يروق لملايين العرب فإن امتداداتها الفكرية لا تزال مدار النقاش لدى هذه الجماهير ..
أفلاطون يؤكد أن الديمقراطية لربما تأتي بالغوغائية ( Anarchy ) التي لا يستطيع أحد أن يوقفها ولذلك هي بنظره أسوأ طريقة لتداول السلطة .. وحتى أرسطو مؤسس الفكرة الديمقراطية لا ينفي إمكانية أن تأتي الديمقراطية بغوغائية وفوضوية إلا أنه يرى فيها الأصلح والأنجع لتداول السلطة ..
وهذا يقودنا إلى سؤال منطقي وهو هل تستطيع الشعوب العربية التي لم تتعود على سياسات النظام الديمقراطي أن تتحمل مجيء غوغائية جديدة إلى الحكم ؟ .. خصوصا أن هذا وارد وله احتمال .. وهذا كله في ظل التطلعات إلى المستقبل الواعد والمستقبل الأفضل ..
نرجع إلى أفلاطون والنظرية الإسلامية .. أفلاطون يرى أن النظام الأفضل هو الملك الفيلسوف ( The King Philosopher ) برأيي أن هذه الفكرة لا تبتعد كثيرا عن الفكرة الإسلامية تجاه الحكم ــ مع أن فكرة الديمقراطية لا تعارض أصولا إسلامية صريحة ما يجعل مدارس اسلامية تنادي بها ــ إلا أن الإسلام ينادي دائما بالإمام العادل ويتحدث عن الإمام العادل .. وهذا يظهر جليا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم .. ( سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله ــ وذكر الإمام العادل على رأسها ــ ) .. الإمام العادل فكرة قديمة أسس لها الفقهاء المسلمون حتى أنها أخذت أبعاداً كبيرة وغير مفهومة في بعض حقب الدولة الإسلامية .. فالبداية كانت مع خليفة رسول الله ومن بعدها تحولت وتحديدا في ذروة الدولة العباسية حتى صار يقال خليفة الله في الأرض ..
نفهم من ذلك أن فكرة الحاكم العادل الظاهر الناصر لدين الله والحاكم بما أنزل الله .. غدت متجذرة لدى العرب والمسلمين خاصة وانها مقترنة بالميتا تاريخ الذي يستندون إليه ما يجعل هذه الفكرة راسخة في الأعماق وملتصقة باللاوعي .. فالمصريون أو التونسيون أو الليبيون وغيرهم اليوم أو غدا يحلمون بهذا الحاكم العادل .. ما يزيد من صعوبة مهمة التحول الديمقراطي عندها
من جانب آخر الديمقراطية يجب أن ينظر إليها، كما عبر أوبر فيدرين وزير الخارجية الفرنسي السابق في إحدى مقالاته على أنها الناتج النهائي لعمليات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية مديدة وليس كنتيجة لتحول فوري إذ الديمقراطية ليست قهوة سريعة التحضير .. وهنا نحتاج إلى قراءة متفحصة في الأحداث العربية خلال الحقبة الماضية كاملة .. وبنظرة سريعة لا نرى ذلك المخاض الكبير الذي يتوجب أن تمر به المجتمعات العربية حتى تتحول إلى الديمقراطية تحولا لا يقبل للتراجع أو النكسة
لا نلغي أهمية الأحداث التي جرت بل هي بداية ذلك الوعي الذي طالما انتظرناه .. وبرأيي أنها البداية وليست النهاية كما يظن كثيرون .. بداية نأمل أن تأتي بحرية الشعوب العربية وعلى رأسها فلسطين التي ترمق حرية من نوع آخر .. حرية المنكسر إذا ما استفاق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق